هو دكتور دولة في الآداب وأستاذ دكتور في الجامعة اللبنانية، وشاعر ومفكر ورسام، في رصيده الكثير من المؤلفات والدراسات.
إنه جورج زكي الحاج الذي أطلق كتابه الثاني والثلاثين "إبداع العامية" (الحمصي – الحاج – العامي المصري)، وذلك في جناح جمعية تجاوز الثقافية، ضمن المهرجان اللبناني للكتاب، والذي تقيمه الحركة الثقافية في دير مار الياس في أنطلياس.
موقع "الفن" إلتقى الحاج، وكان لنا معه هذا الحوار.
أخبرنا أكثر عن "إبداع العامية".
هو دراسة نقدية أدبية عن الشعر العامي، تناولت فيه الشاعر الأول هو نقولا الحمصي الذي ولد في القرن التاسع عشر، وتوفي مع نهاية الحرب العالمية الأولى، كان شاعر عتابا مميز إلى حد أنه يقول عنه الرواة إنه لم يكن صوت يُبحّ ولم تكن تنضب قريحته من الشعر، كان من الشعراء الإرتجاليين الأوائل، ومن البلاغيين في شعر العتابا بلهجة تلك الأيام، والتي كانت البداوي المطعمة بالعربية. الشاعر الثاني هو والدي زكي يوسف الحاج الذي عاش في القرن العشرين، هو شاعر بالعامية وبالفصحى، ولكن بالعامية بالأكثر، إضافة إلى العتابا، كان لديه شعر الخماسيات، وهو أديب كبير ومميز. وفي القسم الثالث من الكتاب درست الشعر العامي المصري لدى 32 شاعراً من الشعراء الحديثين في مصر، أنا على علاقة قوية بالشعر العامي إن كان في لبنان أو في مصر أو العراق، أو حتى في بلدان الخليج، لأنه لدي دراسات عنه، فأنا أصدرت سابقاً كتاب "الإبداعية بين الفصحى والعامية" تحدثت فيه عن هذه الأنواع الشعرية، وفي كتابي الجديد "إبداع العامية" (الحمصي – الحاج – العامي المصري) كانت دراسة كبيرة عن الشعر العامي المصري، وقمت بمقارنة بين العامية المصرية والعامية اللبنانية، وكانت النتجية أن العامية اللبنانية هي أرقى العاميات بين البلدان العربية لأنها أقربها إلى الفصحى.
دائماً ما نرى حضور الناس في معارض الكتاب، ولكن ما هي نسبة الذين يشترون الكتب ويقرأونها؟
لا أدري إن كانوا يقرأون، ولكن لا أعتقد أن الزمن يستطيع أن يسيطر على الكتاب، ففي الماضي عندما إستحدثت السينما، كل الناس قالوا إن الرواية ماتت، ولكن تبيّن لاحقاً أن الرواية لازالت في أفضل حالاتها، على الرغم من أنها مرت بفترة كان خلالها الناس يذهبون لمشاهدة السينما، ولكن لذة القراءة تختلف كلياً عن لذة المشاهدة، فالفيلم تشاهده في ساعة أو ساعتين، ولكنك تقرأ الرواية بساعات وأيام، وتفرح بها كلما رأيتها. صحيح أن هناك اليوم الإنترنت والسوشيال ميديا، ولكن العلاقة الحميمة بين الإنسان والكتاب لا تنتهي بهذه السهولة، ربما تخف مع الأجيال الطالعة، لأن كل شيء تحوّل إلى الكمبيوتر، ولكن يبقى لدينا أمل، فهناك الكثير من الشعراء الذين يعرضون كتبهم هم من فئة الشباب، لا تتجاوز أعمارهم الـ35 عاماً، ونحن سنظل نكتب حتى لو توقف الكتاب.
منذ فترة كنت مصر، وكان هناك معرض للكتاب، لا تستطيع أن تمر بسبب زحمة الناس الذين كانوا يحملون أكياساً من الكتب، هذا يعني أنه لازالت هناك قراءة.
جورج زكي الحاج، لمن تكتب؟
أكتب لنفسي وللمتعة الشخصية، فالكتابة هي "محنة" موجودة في الإنسان، بمعنى أنها ملتصقة بك ولا تستطيع أن تتوقف عنها، وبالوقت نفسه أنا أكتب للأجيال المقبلة، فبالنتيجة لدينا مسؤولية في أن نكتب لأنه يجب أن تتعرف الأجيال المقبلة على تراثنا وشعرنا وأدبنا، في عصر الإنحطاط كان لبنان رائداً في اللغة العربية والشعر والنثر والقصة والمقالة والصحافة.
هل لازالت الكلمة بخير؟
الكلمة بخير، نحن نريد أن تكون الأذن بخير، هناك مثل يقول "مش كل مين دقّت إيدا ع بطنا جابت صبي" ولا كل من كتب أصبح شاعراً، هناك الكثير من الشعراء الجيدين، أتمنى أن تبقى هناك عيون وآذان تقرأ وتسمع الكلمات الجميلة، يبقى هناك أمل، ولا يمكن أن نقول إننا نريد أن نستسلم.
هل لازالت الكلمة تؤثر في الإنسان والمجتمع؟
ربما لم يعد تأثير الكلمة مثلما كان في السابق، لأنه أصبح هناك الكثير من التأثيرات غيرها، ولكن اليوم أستطيع أن أقول، وبكل محبة، إن الكل يخاف من الكلمة، السلاطين والسياسيون يخافون من الكلمة، وأكبر دليل على ذلك هو أن ثلاثة أرباع الأشخاص الموجودين في السجون سبب سجنهم هو الكلمة، فلازالوا يخافون من شاعر يهجيهم، ومن صحافي يفضحهم.